الجريمة والعقاب | ملخص وتحليل الفصل الثاني،الجزء الأول
ملخص الفصل
راسكولينيكوف يقرر التفاعل مع المجتمع الخارجي، ويلتقي بمارىميلادوف لأول مرة
🕯️ بعد أن عاش راسكولينيكوف شهراً كاملاً في حالة من البؤس و السوداوية وتجنب الإلتقاء بالناس يقرر أن يخرج من اضطرابه النفسي ولو لفترة وجيزة، فيقرر أن يذهب للجلوس في أحد الحانات. فيدخل راسكولينيكوف حانة وصُفت بالنتنة لما تحويه من قطع خبز يابسة وأسماك متعفنة ورائحة خمور كريهة، ورغم كل هذه النتانة يقرر راسكولينيكوف الجلوس فيها. وفي أثناء جلوسه في الحانة يَلفت إنتباهه رجل غريب كان يجلس بالقرب منه، والذي يعتقد راسكولينيكوف أنه موظف متقاعد. وفي الوقت نفسه كان هذا الرجل ينظر إلى راسكولينيكوف نظرات فوضولية تعبر عن رغبته في الحديث معه.
🕯️ إقترب الرجل من راسكولينيكوف وعرف باسمه- وهو مارميلادوف- وعبر عن إعجابه بمظهر راسكولينيكوف الذي رغم بساطته إلا أنه يوحي بأنه رجل مثقف ومحترم لم يعتد على الشرب. ومن ثم يسأله فيما إذا كان موظفاً. لكن راسكولينيكوف يجيبه بأنه خريج جامعي. في هذه الأثناء شعر راسكولينيكوف بشيء من النفور، وهو الشعور ذاته الذي يشعر به كلما يحاول أحد التقرب منه أو الحديث معه.
🕯️فجأةً يقترب مارميلادوف من راسكولينيكوف أكثر ويخبره بأن الفقر لا يعتبر رذيلة وإنما فضيلة. ولكن الرذيلة هو الشعور بالبؤس؛ لأنه جعله يشرب الكحول، وبالتالي خسر كرامته؛ وبهذا هو جلب هذا الذل لنفسه. ثم يخبر مارميلادوف راسكولينيكوف بظروفه المُهينة، حيث أنه نام لخمسة أيام متواصلة في مركب يحمل أعلافاً، كما أن أحد الرجال الأثرياء ويدعى ليبزياتنيكوف قام بضرب زوجته.
محاولة مارميلادوف كسب تعاطف راسكولينيكوف وعاملي الحانة
🕯️ يسمع صاحب الحانة وجالسوها من السكارى حديث مارميلادوف، فتنطلق أصوات الضحك في المكان. ويبدأ صاحب الحانة بالسخرية من شكوى مارميلادوف؛ لأنه هو من حتم الذل على نفسه بنفسه، وذلك بسبب كسله وقلة بركته، فتجده غير ملتزمٍ بعمله.
🕯️يعبر مارميلادوف عن حسرته وألمه؛ لأنه إنسان عديم الفائدة وغير منتج بمجتمعه، ولعجزه عن الدفاع عن أسرته مستشهداً بحادثة ضرب السيد ليبزياتنيكوف لزوجته كاترينا، وحينها لم يستطع أن يفعل شيء؛ لأنه كان مرمياً على الأرض من شربه للكحول. كما أنه عبر عن ألمه بشأن عمل ابنته الشابه في مهنة البغاء، لكنه برر ذلك بالعوز وقلة الحيلة.
🕯️ لم تزد شكوى مارميلادوف عاملي الحانة إلى الكثير من الضحك، ورغم ذلك حاول راسكولينيكوف أن يحاول المحافظه على هدؤه، فيقول مارميلادوف لصاحب الخمارة: أنه أصبح معتاداً على الذل ، وسأله عن رأيه فيما إذا ينظر إليه الآن كشخص سيء.
🕯️ لم يُجب صاحب الخمارة على سؤال مارميلادوف الا بالضحك، مما جعل مارميلادوف يتيقن بأنه فعلاً إنسان سيء. يبدأ مارميلادوف بالحديث عن أنانيته، حيث أنه باع جوارب زوجته من أجل أن يشتري الخمر، كما أنه كان يمتنع عن شراء مواد التنظيف لمنزله ووسائل التدفئة؛ مما جعله يترك منزله نتنا وبارداً في سبيل إعطاء الأولوية لشراء الخمور.
طبيعة علاقة مارميلادوف بأسرته
🕯️ بعد ذلك يقوم مارميلادوف بمخاطبة راسكولينيكوف شاعراً بأنه سوف يتعاطف معه على العكس من عاملي الخمارة. فيقول مارميلادوف: بأن زوجته كانت على درجة عالية من العلم والثقافة، وتملك العديد من الشهادات والجوائز الفخرية على عكسه تماماً، وأنها قبلت الزواج منه؛ لأن عائلتها تخلت عنها بعد موت زوجها الأول تاركاً معها ثلاثة أطفال . وكان مارميلادوف أيضا أرملاً وله ابنة اسمها سونيا، تبلغ من العمر أربعة عشر عاماً.
🕯️ كانت علاقة كاترينا بابنة مارميلادوف سيئة للغاية، وكانت تنظر إليها على أنها عبئ على الأسرة . وبما أن سونيا فتاة غير متعلمة ولا يمكنها الحصول على عمل . طلبت كاترينا منها الخروج من المنزل والعمل في البغاء .
🕯️ في أثناء حديث مارميلادوف إنهار باكياً، فقرر راسكولينيكوف أن يقف بجانبه في مثل هكذا موقف، فرافقه إلى المنزل .وعندما وصلوا إلى أحد المجمعات السكنية صعدا إلى الطابق الرابع، وهو الطابق الذي يسكن فيه مارميلادوف. عندما فتحت كاترينا الباب نظرت إلى راسكولينيكوف بشيء من الإستغراب؛ لأنها أول مرة تلتقي به. وعلى الرغم من وجود هذا الضيف في منزلهم قامت كاترينا بتفتيش جيوب زوجها باحثةً عن نقود، وشدته من شعره وسحبته إلى الغرفة المجاورة. كان باب الشقة مفتوحاً مما جعل ساكني المبنى ينظرون إلى المشهد في سخرية وضحك إلا راسكولينيكوف الذي قرر أن يقدم شيء لهذه الأسرة، فأخرج من جيبه بعضاً من القطع النقدية ووضعها على النافذة دون أن يلاحظه أحد وخرج من المنزل.
التحليل النقدي
وصف الحانة يتوافق مع داخلية راسكولينيكوف ونواياه المجهوله
💡 جلوس راسكولينيكوف في الحانة القذرة و القاتمة وقبوله لها قد يعكس الجوانب المظلمة من نواياه، حيث أن توصيف هذه المكان بهذا الشكل يمهد إلى تقديم الجانب المجهول والنوايا الخطيرة، التي يخطط لها راسكولينيكوف. كما يمكن للقارئ أن يلاحظ الإنتقال المفاجئ في شخصية راسكولينيكوف من شخص مُحب للعزلة والابتعاد عن التجمعات البشرية إلى شخص أصبح يبحث عنها. وهذا ما يؤكد فكرة أن الأنسان كائن إجتماعي، ولا يستطيع أن يمضي حياته كاملة في معزل عن الآخرين.
هل مارميلادوف هو ضحية مجتمعه الذي يعيش فيه أم هو المسبب لظروفه؟
💡 يمكننا أن نلاحظ بأن النص يجعلنا في حيرة من حيث طريقة تعاطينا مع حالة مارميلادوف، ويجعلنا نطرح العديد من التساؤلات، مثل: هل مارميلادوف يستحق الشفقة أم لا ؟ وهل هو ضحية للمجتمع والظروف التي وجد فيها أم هو من سبب لنفسه مثل هذه الظروف؟ نلاحظ أن مارميلادوف يشكو الفقر، ولكنه في نفس الوقت يرفض العمل، وأيضاً إن حصل على نقود لا يتردد في أن يشتري فيها زجاجات خمر، وفي الوقت ذاته يترك عائلته في جوع وحاجة. فإذا نظرنا إلى مارميلادوف بهذه الطريقة، سوف نشعر بأنه يستحق أن يكون في مثل هذه ظروف؛ لأنه هو من جلبها لنفسه بإتباع نمط حياة مليء بالسوداوية والسلبية.
لكن إن نظرنا إلى مارميلادوف من زاوية أخرى، وطرحنا هذا السؤال:" لما لا يكون مارميلادوف هو ضحية لظروفه وليس مسبب لها؟ خلال تتبعنا للنص لاحظنا كيف كان مارميلادوف يستجدي الشفقة من راسكولينيكوف، ويحاول البحث عن أحد يشعر به ويستمع إليه دون أن يسخر منه، وكأنه يشعر بأنه مظلوم في ظروفه التي يعيشها. وقد رأينا أيضاً كيف كان يكرر عبارة أنه ليس سعيد بما يقوم به. من خلال هذا المشاهد يمكن للقارئ أن يستدل على نقطة مهمة، وهي : أن مارميلادوف لا يحب إتباع هذا النمط والأسلوب الخطير والسلبي في حياته، وإنما قد يكون قد نشأ عليه منذ طفولته، فعلى الرغم أن النص لم يتتبع طفولته إلا أن مارميلادوف أخبر راسكولينيكوف بأنه من طبقة فقيرة و كادحة، وكأنه يريد أن يقول: بأن هذه الحالة التي يعيشها هي أسلوب ونمط حياة متوارث في أسرته وطبقته الإجتماعية التي ينتمي إليها.
💡 من الأمور الواضحة التي يمكن للقارئ أن يشعر بها خلال قرأته لهذا الفصل هو الصراع الطبقي، وتمثل ذلك في العديد من المشاهد ولعل أبرزها حديث مارميلادوف عن طبيعة علاقته بزوجته، وأنها تنتمي إلى أسرة غنية، وأنها لم تكن تريد الزواج منه، لكن عندما تركتها عائلتها وتخلت عنها،قررت القبول به عن دون قناعة بذلك. وهذا يوضح عدم قبول الطبقة الغنية للطبقة الفقيرة. كما لمسنا الفوارق الطبقية من خلال وصف كاترينا بأنها على درجة عالية من العلم والثقافة، وقد حصلت على عديد من الجوائز والشهادات وهو على عكس ما كانت عليه سونيا، حيث أنها لم تتمكن من الحصول على تعليم جيد؛بسبب فقر أسرتها، مما جعلها تلجأ في نهاية الأمر إلى شق طريق سيء في حياتها؛ بسبب قلة الفرص لشابة فقيرة وغير متعلمة مثلها.
- دوستويفسكي، فيودور.1866. "الجريمة والعقاب". دوستويفسكي أخوان
تعليقات
إرسال تعليق